نوال القصار
خلال شهر أيار – مايو- من هذا العام احتفل العالم طوال الشهر بمرض وراثي نادر يطلق عليه اسم متلازمة إهلرز- دانلوس Ehlers – Danlos واضطراب طيف فرطة المرونة. وهو اضطراب وراثي في النسيج الضام أول من وصفه طبيب هولندي اسمه إدوارد أهلر ثم شرح طبيب فرنسي اسمه هنري دانلوس أسباب المرض ومن هنا سمي المرض باسم هذين الطبيبين.
توجد الأنسجة الضامة في البشرة والمفاصل وجدران الأوعية الدموية في المقام الأول، ويعاني المصابون بمتلازمة إهلرز – دانلوس من مرونة مفرطة في المفاصل وبشرة قابلة للتمدد وضعيفة وهذا يعرض المصابون إلى مشكلة وخطر كبيرين في حالة الإصابة بالجروح والكدمات، ويصاب شخص واحد من أصل كل خمسة آلاف شخص بمتلازمة إهلرز- دانلوس (نسبة انتشار المرض حول العالم بين 8 إلى 20 في المائة حسب مصادر مختلفة على الإنترنت).
مجلة النجوم التفتت إلى هذه الحالة عندما نشرت صبية من الأردن تعاني من هذه المتلازمة سلسلة من التعريفات لنشر الوعي بهذا المرض وضرورة تنبيه الأهل بشكل خاص إلى ملاحظة أية أعراض غير عادية يرونها في حركة مفاصل أطفالهم، أو مظاهر غير طبيعية في الجلد لديهم.
هذه الصبية هي زينة باسل صوالحة، أم لطفلة تبلغ من العمر 5 سنوات عانت منذ أن كانت صغيرة من هذا المرض دون أن يتم تشخيص حالتها إلا في وقت متأخر بعد أن ولدت طفلتها بأربع سنوات. التقتها مجلة النجوم في الأردن لإلقاء المزيد من الضوء على معاناتها، وزيادة نشر الوعي بهذا المرض وأعراضه حيث بدأت حديثها قائلة:
«منذ أن كنت صغيرة كان لدي ليونة كبيرة لدرجة أن أهلي سجلوني في صفوف خاصة لتعليم البالية، كان لدي حركة مرنة مفرطة في مفاصلي حيث كان باستطاعتي أن أثنيها وأحركها كما أريد أكثر من الأطفال العاديين. مثلاً كان يمكنني تحريك صابونة الركبة، أو أثني عظمة الكتف إلى الخارج – يخرج المفصل من مكانه – وكل ذلك بدون أن أشعر بالألم. كنت أعتقد أن الأمر طبيعي، أنني استطيع أن أفعل ذلك على العكس من الأطفال الآخرين، أي أنني استطيع أن أقوم بحيل أو خدع ليس بإمكانهم كأطفال أن يقوموا بها. ولأننا كأطفال لم نكن نعرف بطبيعة الحال أن هذا الأمر غير طبيعي. حتى أن أهلي اعتقدوا أن الأمر طبيعي وأنه مجرد ليونة أطفال لأن جميع الأطفال لديهم ليونة ومرونة في الحركة أكثر من البالغين وخصوصاً أن هذه الحركات لم تكن تؤلمني ولم أشعر بأي وجع.
وأنا أكبر شيئاً فشيئاً كنت أشعر بتعب غير طبيعي، دائما متعبة وليست لدي طاقة كافية، أصحو من النوم متعبة وكلما فعلت شيئاً أشعر بالتعب. ولكن حالما تقترح العائلة الخروج أو التنزه أو الذهاب إلى مكان ما أشعر بنشاط غير عادي ولهذا السبب كان أهلي يعتقدون أنني كثيرة النق والتذمر والشكوى أو لمجرد لفت الانتباه ولكن التفسير العلمي لتلك الحالة هو عندما يتم تقديم هذا الاقتراح للخروج أو التنزه ثمة دفعة من الأدرينالين تندفع في شتى أنحاء جسمي ولذلك أنهض بنشاط وأريد المشاركة والخروج.»
ولكن بعد أن حملت زينة بطفلتها زادت أوجاعها وأصبحت تعاني من إصابات في الهيكل العظمي والأربطة والأوتار، وعندما تنام على الكتف على سبيل المثال يخرج مفصل الكتف من مكانه، وأصبحت تتردد على عيادات الكثير من الأطباء من مختلف التخصصات دون أن يتمكن أحدهم من تشخيص حالتها. تقول زينة حول ذلك:
«أذكر أنني تعرضت إلى حادث بسيط أثناء الدراسة الجامعية وأصبحت أعاني من ألم شديد في الظهر وبعد الفحص والتصوير لم يظهر أي شيء، قال الطبيب إنه مجرد شد عضلي أو تهيج في الأربطة وسوف ينتهي من تلقاء نفسه. وبعد الولادة ومراجعة الطبيب طلب أن أجري صورة شعاعية للظهر وتبين أنني أعاني من ديسك في الظهر. ومع ذلك وحيث أنني أحب ممارسة الرياضة واصلت لعب التمارين العادية. إلى أن شعرت في إحدى المرات أثناء التمارين شعرت بصوت طقة في رجلي. فذهبت لاستشارة الطبيب والذي قال لي أنني أعاني تمزق في النسيج الضام في رجلي من الأسفل. لكن ذلك كله لم يمنع من استمرار الألم في كل أنحاء جسمي، وشعوري بأن جسمي «يطقطق» في كل مكان في المفاصل والأوتار وكلما تحركت.»
فما هي الظروف التي جعلت زينة تبحث عن طبيب غير عادي لتشخيص حالتها؟
تجيب قائلة:
«جعلني وضعي وحالتي أفكر بكل تلك الإصابات والأصوات التي تصدر عن مفاصلي ورحت أبحث عن تفسير لها غير ذلك الذي يقوله الأطباء الذين كنت استشيرهم وخصوصاً أنني خلال فترة الحمل شعرت بتسارع شديد في نبضات القلب دون أعراض واضحة ودون القيام بأي مجهود. ثم ذكرت لي صديقتي الممرضة منى عميش اسم طبيب متخصص في تشخيص الأمراض Pathologist اسمه حسام أبو فرسخ والذي استطاع تشخيص المرض على أنه متلازمة إهلرز – دانلوس، وهو مرض وراثي نادر.»
تقول زينة إن هناك مجموعات دعم حول العالم لزيادة الوعي حول هذا المرض، وهي في تواصل دائم مع مجموعات الدعم هذه ومنهم مجموعة توجد في أستراليا.
تضيف زينة أنه عندما تم تشخيصها كانت صدمتها كبيرة لأنها توقعت أنه حالما يتم تشخيص المرض فسوف تأخذ العلاج المناسب وتشفى، لم يخطر ببالها أنها ستعاني من حالة دائمة يجب وتغير نمط حياتها وفقاً لذلك.
وقد أشارت في رسائل التوعية التي نشرتها زينة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى جميع الظروف والأعراض المحيطة بالمرض وكيف أنها تتلقى الدعم من العائلة وخصوصاً والدتها وشقيقتها وصديقاتها. وتضيف:
« تغير نمط حياتي بطبيعة الحال حيث توقفت عن ممارسة رياضة قتال الشوارع التي أعشقها لأنها تضر بالمفاصل والأوتار، واتناول الفيتامينات والمكملات الغذائية لتمدني بالطاقة، واستخدم نطاق واسع من المشدات والأربطة التي تساعدني على ضبط حركة المفاصل، وذهبت لمراجعة طبيب القلب بسبب التسارع الذي كنت أعاني منه لأنه من الأعراض المصاحبة للمرض.»