بقلم الكاتب والشاعر نعيم شقير
..
تحمل لقبها كمن يحمل عاهة في جسده ..
تستحي منه ..
تداري وجهها عنه ..
وتشتهي أن تحط في مكان أخر لا يعرفها فيه أحد .. ولا تتقاسم معه ذكريات وحكايات ومساءات ..
يشبه عطر الفضيحة الذي لا تستطيع منعه من الانتشار ..
لا تستطيع حبسه ولا اعتقاله ..
لا تستطيع نزعه ولا استبداله ..
ولا تقدر على ازالته رغوة الصابون وبراكين الكلس ..
فالفضيحة عطر معمر .. لا يُنتسى بسهولة ولو مرت عليه السنين .. تتوارثها الأجيال وتصبح حكايات المساء في البيوت والصالونات وفي القرى والحسينيات وقرب مواقد الحطب ومداخن الشتاء ..
الفضيحة لا تطال صاحبتها وحسب .. بل تستمر في الباس العدوى لذويها وربعها وعشيرتها وقريتها وكل من يمت اليها بصلة ..
وتاخذ في الانغماس أيضا الى اولادها الذين يكبرون على حسها ويصابون بانكسارات نفسية وأمراض شخصية وانهيارات عصبية ..
لقب لا يعاقب عليه القانون ..
ولا يحرمه الدين ولا يعترض عليه إلا بمقدار ..
يسمونه أبغض الحلال ..
إنه الطلاق ..
ليس صحيحاً انه الدواء الذي يشفي الجروح والطعنات ..
وإنه الحل المنشود لكل المشاكل والقيود ..
وإنه أيضا أمن وموعود ..
فأمانه محصور إلى حين ..
ووعده كاذب إلى أقل من حين ..
وغده غامض بكل تأكيد ..
ويومه حافل بالأناشيد الكاذبة والمبررات الخادعة والوعود المعسولة التي تضع السم في العسل ..
في الدين لفظه حرام ..
تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا قمت بذكره ..
وفي الدنيا هو وصمة عار ..
تتناقلها الأجيال ..
هو انتقاص مؤكد من كرامة صاحبته ..
هو انطفاء ظاهر لتوهجها ..
وهو قاتل بامتياز لجمالها وأنوثتها وشخصيتها ..
يعري صاحبته بنظرة ..
كل عين ناظرة الى مطلقة تخترقها الى الصميم ..
تكشف سترها وعيوبها حتى ولو كانت ملفوفة بحجاب وكاملة الاوصاف ..
حتى ولو كانت لا تؤجل صلاة ..
وحتى ولو كانت اشرف من العفاف ..
هو للأولاد مرض عضال ..
يرافقهم بصمت وخجل منذ الضحكة الى البكاء ..
يقتل شخصيتهم ..
يربك نفوسهم الطرية ..
يجعلهم في غربة قاسية من الخجل والانطواء على ذنب لا دخل لهم فيه ..
يبشرهم بمستقبل قاتم لا يعرف الثبات ..
وبغد يشوبه الكثير من الارتباك ..
وبليل مليء بالكوابيس مهما تعددت الاهتمامات ..
وبحقد يكبر يوما بعد يوم على الأم قبل سواها ..
وبسم يتجرعونه كل صبح وعشية على دفعات ..
أما الرجل ..
فلا يعكر مزاجه ضرر ..ولا يتاثر صفوه بقدر ..
بل يتفاخر بانه مطلق ..
وإنه لن يكرر تلك التجربة مرة جديدة ..
وتصطف له العرائس ..
وتنجذب اليه الفتيات ..
كيف لا ..؟
إنه شرقنا الحزين ..
إنه حلال الدين ..
المدينة اصغر من جرح ..
السماء أضيق من خاتم ..!!
مجلة النجوم – سيدني
رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=15669